(بسم الله الرحمن الرحيم).. هذا السؤال الذي حيّر العلماء كثيراً لماذاً هناك أشخاصاً أذكياء وعباقرة وآخرين غير ذلك، مالذي يميز عقولهم؟ هل هناك صفة أو تركيبة معينة في عقول العباقرة يمكن الكشف عنها! !
ولهذا قاموا بالأبحاث والدراسات لمعرفة سر الذكاء والعبقرية. ومن هذه الأبحاث كان للعالم الفيزيائي العبقري البرت اينشتاين نصيب منها.
ماذا حدث لمخ اينشتاين؟
توفي اينشتاين سنة ١٩٥٥م في عمر يناهز السادسة والسبعون في مستشفى برينستون في ولاية نيوجرسي، وبعدها بيوم قام طبيب علم الأمراض (pathologist) الدكتور توماس هرفي الذي كان يعمل انذاك في المستسفى بتشريح مخ اينشتاين.
حيث قام بتجزيئه إلى٢٤٠قطعة وقام بحفظها في علب خاصة. ولم يكتفي بذلك فحسب، بل قام بإعطاء بعض من هذه الأجزاء لباحثين أخرين حتى يتمكنو من إجراء التجارب والدراسات.
هناك ثلات دراسات أُجريت على مخ العالم اينشتاين نذكرها لكم هنا:
الدراسة الأولى:
في عام 1985م نُشر بحث علمي بعنوان (في مخ العالم البرت اينشتاين) في مجلة علم الأعصاب التجريبي(Experimental Neurology) ، حيث قامت هذه الدراسة على إحصاء عدد الخلايا العصبية(nerve cells) والخلايا الدبقية(glial cells).
في أربعة مناطق من المخ كماهي محددة في الصورة ادناه منطقة رقم 9 و39 في نصفي المخ الأيمن والأيسر. وقارنوا النتائج مع أمخاخ احدى عشر رجلا معدل أعمارهم أربعة وستون عاما.
لحظة …لحظة وقبل أن نستكمل نتائج الدراسة …قد تتسائل ماهي هذه الخلايا الدبقية (glial cells) التي توجد في المخ؟ ؟
صحيح أن هذه الخلايا لاتنقل الإشارات العصبية مثل الخلايا العصبية ولكنها مهمة لعمل الخلايا العصبية بشكل جيد فهي المسؤؤلة عن ايصال الغذاء لها وإزالة ماتبقى من الخلايا العصبية الميّتة وتصنع المايلين الذي يعزل الخلية العصبية كهربائيا للتسريع من توصيل الإشارات العصبية الكهربائية.
النتيجة:
معدل الخلايا العصبية بالنسبة للخلايا الدبقية قليل في مخ اينشتاين مقارنة بأمخاخ الرجال الآخرين وخصوصا في منطقة رقم 39 في الجهة اليسرى. أي أنه لكل خلية عصبية في مخ اينشتاين هناك أعداد كبيرة من الخلايا الدبقية. وقد اسنتج الباحثون انه ربما كانت كثرة الخلايا الدبقية تعني ارتفاع معدل الأيض في الخلايا العصبية فقد كانت تستهلك وتحتاج قدراً أكبر من الطاقة.
تقع منطقة رقم 9 في الفص الأمامي(frontal lobe) الذي من وظائفه التحليل و التخطيط والمشاعر بينما تقع منطقة رقم 39 ا في الفص الجدارِي (parietal lobe) الذي يُعتقد بدورها في اللغة وعمليات أخرى معقدّة.
هل نستنتج اذن أن هذا هو سر ذكاء اينشاتين؟ ؟ ؟
بالطبع. لا هذه مجرد فرضيات واحتمالات تحتمل الصواب والخطأ.
وكما تعلمون أن لكل دراسة أو بحث علمي أساسيات ومنهجية فكان النقد على هذه الدراسة من قبل العلماء المختصين على النحو التالي:
أولاً: تتعلق هذه النقطة بالأمخاخ الأخرى التي تمت مقارنتها بمخ اينشتاين بها. فقد كان متوسط أعمارهم يقل اثنتى عشر عاما عن مخ اينشتاين وربما كان ذلك هو سبب النتيجة وأن عدد الخلايا الدبقية في مخ اينشاتين هو عدد طبيعي بالنسبة له في هذا العمر. كما أن هذه الدراسة لم توضح عما كان عليه هؤلاء الرجال من مستوى الذكاء أو سبب الوفاة.
ثانياً: هذه الدراسة تتكلم عن شخص عبقري واحد وهو اينشتاين، فنحتاج إلى دراسة أكثر من مخ عبقري يشابه اينشتاين في الذكاء لرؤية ان كنا سنرى نفس النتيجة أم لا.
ثالتاً: قد ظهر ان هذه الدراسة أُجريت على عينة صغيرة جداً من المخ في الأجزاء الأربعة المذكورة أعلاه وربما لم تكون منطقة هذه العينة الصغيرة هي نفسها في الجميع بالإضافة أنه تم نشر معدل الخلايا لبعضها البعض فقط ولم يتم الإفصاح عن العدد الفعلي للخلايا.
هذا غير فسيولوجية المخ وأجزاءه المعقدة التي تعمل مع بعضها البعض وليست بسهولة تخصيص سلوك أو صفة معينة في منطقة واحدة من المخ.
الدراسة الثانية:
نشرت هذه الدراسة في مجلة رسائل علم الأعصاب (Neuroscience Letters) عام 1996 زحيث وُجد فيها أن وزن مخ اينشتاين يبلغ 1230 جرام وهو أقل من معدل وزن امخاخ الرجال البالغين الذي يبلغ 1400جرام.
كما ذكر الباحثون أيضاً أن سماكة القشرة المخيّة لاينشتاين في منطقة رقم9 هي أرق وأخف مقارنة بالأمخاخ الخمسة الأخرى التي جرى عليها البحث. ومع ذلك، فإن كثافة الخلايا العصبية في امخ اينشتاين كانت أكبر,أي أنه باستطاعة مخ اينشتاين احتواء عدد أكبر من الخلايا العصبية في منطقة معينة من القشرة المخيّة.
الدراسة الثالتة:
نشرت هذه الدراسة عام1999م في مجلة لانسيت الطبية البريطانية(British medical journal The Lancet) حيث تمت مقارنة شكل مخ اينشتاين الخارجي بأمخاخ خمسة وثلاثون رجلاً متوسط أعمارهم 57 عاما.
ماذا تتوقع أنهم وجدوا؟
وجد الباحثون أن التعرجات والأخاديد (sulci) في الفص الجدارِي (parietal lobe) من مخ اينشتاين لها شكل مميز وغير معتاد مقارنة بالأمخاخ الأخرى، وقد أعزى الباحثون أنه ربما لهذا الاختلاف قد يكون هنال اتصال أفضل بين الخلايا العصبية مع بعضها البعض ولكن هذه الدراسة لم توضح الكيفية التي تتصل فيها الخلايا العصبية وبالتالي لا يمكن معرفة ما إذا كانت هناك اختلافات في الطريقة التي تعمل فيها الخلايا العصبية.
ومازالت الأبحاث قائمة لمعرفة أسرار هذا الدماغ البشري وأسرار العباقرة، ومع تقدم التقنية الحديثة باستخدام أجهزة تصوير المخ التي بإمكاننا من خلالها رؤية تشريح المخ ووظيفته في وقت واحد.
الكاتب: محمد السيد
المصدر: موقع همسات